
الهوية السالزيانية العلمانية
لما أعلن الرئيس العام، دون فيغانو،
القانون الجديد للمعاونين سنة 1986، برّر عملية التنقيح والتجديد المطلوبة من
الكنيسة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني بقوله: "لو كان دون بوسكو حياً لكان
الرائد في القيام بعملية التجديد،
لأنه كان يعي تماما مصير وتطور الكنيسة والمجتمع. لذلك كان تمشيا مع وحي الروح القدس، كان يعي في الوقت عينه أن موهبته الخاصة تحمل رسالة مستقبلية. كان يعي تماما أيضا أنه مؤسس أي أن الله دعاه إلى إنشاء عائلة روحية سوف تنمو وتتطور وتبقى عبر القرون. أقام الله دون بوسكو في بداية عصر تاريخي تخطى الحضارة الزراعية وبشّر بحضارة جديدة سوف تدخل ثورة عميقة في جميع قطاعات الحياة الاجتماعية وعلى كل الصُعد: تغير وجه المدن، تنظيم العمل والعلاقات الإجتماعية بين الأفراد والطبقات، الخ. فكل هذه التغييرات، إيجابية كانت أو سلبية، أحدثت في العالم واقعا جديدا لا يزال يتطور ويقتضي من المسيحيين التزاما مجددا، أي روحا جديدة،ليبقى الإنجيل الخميرة في عجين اليوم كما كان الخميرة في عجين الأمس.
لأنه كان يعي تماما مصير وتطور الكنيسة والمجتمع. لذلك كان تمشيا مع وحي الروح القدس، كان يعي في الوقت عينه أن موهبته الخاصة تحمل رسالة مستقبلية. كان يعي تماما أيضا أنه مؤسس أي أن الله دعاه إلى إنشاء عائلة روحية سوف تنمو وتتطور وتبقى عبر القرون. أقام الله دون بوسكو في بداية عصر تاريخي تخطى الحضارة الزراعية وبشّر بحضارة جديدة سوف تدخل ثورة عميقة في جميع قطاعات الحياة الاجتماعية وعلى كل الصُعد: تغير وجه المدن، تنظيم العمل والعلاقات الإجتماعية بين الأفراد والطبقات، الخ. فكل هذه التغييرات، إيجابية كانت أو سلبية، أحدثت في العالم واقعا جديدا لا يزال يتطور ويقتضي من المسيحيين التزاما مجددا، أي روحا جديدة،ليبقى الإنجيل الخميرة في عجين اليوم كما كان الخميرة في عجين الأمس.
دون بوسكو نفخ في معاونيه هذه الروح
الرسولية الجديدة، فمن الأساس تأقلمت روحه مع الأوضاع المتغيرة وتكيفت مع مختلف
الظروف، تمشيا مع توجيهات البابوات وأساقفة الكنيسة (إلى المعاونين في عيد قلب
يسوع الأقدس 1986، بتصرف).
ولكن بالرغم من كل المتغيرات، تبقى
الثوابت وهي الجوانب الأساسية التي لا تتغيّر، هي التي تشكل الهوية السالزيانية،
أي بالنسبة إليكم كمعاونين، الهوية السالزيانية العلمانية، هذه العناصر المميزة
والمتميزة في آن واحد، تركب على الروحانية العلمانية العامة وتتدمج معها، أو
بالأحرى تضفي عليها الميزة السالزيانية.
حياة المعاون تتمثل إذا بنمط مميز في
العيش والعمل هو الروح السالزيانية وهي، كما يقول القانون: "خبرة إنجيلية
فريدة تشمل الحضور والعمل في العالم وتضفي عليهما طابعاً ملموساً، وكذلك على
العلاقات مع الأخوة ومع الله. ينبوعها قلب يسوع عينه، غذاؤها الالتزام الرسولي
والصلاة والحياة كلها مفعمة بها، بحيث تصبح شهادة للمحبة، يتقبل المعاون هذه الروح
كهبة الرب إلى الكنيسة ويجعلها تثمر وفقا للحالة العلمانية الخاصة به".
(القانون، المادة 26).
هذه المادة تنصر على أهم واجبات التنشئة
السالزيانية، أي استيعاب روح دون بوسكو، ليس كهدف، بل كوسيلة لعيش الإنجيل بكل
أبعاده.
المحبة المسيحية ممارسة لا تتمثل بعقيدة
ولا بروحانية مبهمة وإنما لها وجه محدد يعبر عنها. فوجه الروحانية السالزيانية
حدده دون بوسكو بوحي من الروح القدس عبر ممارسة طويلة، كما وعبر مع الله والقريب
ولا تفسير لمبادئ روحية عامة، وإنما هي نمط حياة، مقاييس تمييز ونهج عمل.
المعاون السالزياني
فرح العمل مع دون بوسكو
1- مقتضيات ومقاييس دعوة المعاون:
أ- القناعة أن الروح القدس يملأ الكون...
لا يكتفي بإلهام الكهنة والرهبان، بل "يدعو" كل معمد ليحل محله الخاص في
الكنيسة وينمي مواهبه بالقيام بوظيفة معينة في الرسالة المشتركة: "يارب، ماذا
تنتظر مني؟ ارني دربك!"
ب- تذوق الحياة المسيحية الحقيقية، قد فات
لحسن الحظ زمن الإيمان الاجتماعي السطحي وحان وقت الالتزام من خلال توبة صادقة
والتمّسك بيسوع القائم من بين الأموات وبملكوته تمسكاً شديداً. ويدل على ذلك الهرب
من الحياة التافهة ومن المظاهر الخارجية والسعي إلى إيمان ناضج وعطاء سخي:
"ما لا يُعطى يَضيع".
ج- التحسس بقضايا الشبيبة والفقر، هذه
القضايا مصيرية بالنسبة إلى عالم اليوم والغد، لذلك يتعاطف المعاون مع الشبيبة ومع
المحتاجين ويستهدف تنميتهم الإنسانية والمسيحية.
د- معرفة دون بوسكو والتأكد من أن شخصه
وعمله وروحه الدينامية وروحانيته الواقعية ونهجه التربوي تتوافق مع بعض جوانب طبعنا،
فالسير على خطاه والعمل معه سوف ينميان مواهب الطبيعة والنعمة الموجودة لدينا
لمنفعة الكنيسة والمجتمع.
هـ- تقدير العلاقات الأخوية واللقاء مع
الآخرين، حب العمل المشترك وقبول تقاسم المسؤوليات والتعاون، وذلك مع الانضباط في
العمل في نطاق المركز والجمعية والعائلة السالسية.
و- تخطّي حماس وتقلبات المراهقة والثبات
في الأمانة لتحقيق أهداف الجمعية، بالرغم من الرياح المعاكسة وخيبة الآمال أحيانا،
من حيث المبدأ يدوم التزام المعاون مدى الحياة، وهذا أمر طبيعي للذين يدركون أن
كونهم معاونين هودعوة. ولا ننسَ وجود الروح القدس المعزي: لما يدعو أحداً يؤهله
أيضا ليقوم بوظيفته ويغنيه بمواهبه ويؤازره ليبقى مثابرا وفرحا. أخيرا وليس آخرا
يعيش المعاون دعوته مع أخوة وأخوات يساعدونه عمليا. ولكن لا يحل الروح القدس ولا
رفاق الطريق محل المعاون المقصر الفاتر، جميعهم عاجزون أمام الذي لا يصلي وينفصل
عن اخوته.
2- التحضير: (القانون
36-37-38)
زمن التحضير و فترة للتفكير والتأمل
والتوبة والاختبار السالزياني الحي، بإشراف المندوب (المندوبة) المحلي من خلال
لقاءات منظمة متواترة وفي اطار حياة المجموعة.
- التفكير: درس تعليم الكنيسة حول رسالة
العلمانيين ومكان المعاونين في رسالة الكنيسة. التعرف إلى دون بوسكو وروحه وأسلوبه
التربوي. التعرف إلى واقع العائلة السالسية.
- التوبة (الارتداد): الاستماع إلى كلمة
الله، خاصة في الإنجيل حياة روحية حقيقية وعميقة. الصلاة (خاصة إلى الروح القدس).
الاعتراف والتناول، أوقات تأمل وأيام رياضة روحية. قرار ثابت للسعي إلى اكتشاف
حضور يسوع المسيح في ظروف حياتنا اليومية، لمعرفة ما يريد منا، لإصلاح نقائصنا
وللانفتاح على الآخرين من خلال الاهتمام بهم والخدمة لهم.
- النشاط السالزياني: المشاركة في
النشاطات مع معاونين آخرين، في المركز أو خارجه. ويبقى أن أهم نشاطات المعاون هو
شهادته اليومية بأن يكون نورا وملحا في مكان حياته وعمله.
3- الالتزام العلني:
يبدأ التزام طالب الانتساب إلى جمعية
المعاونين بقبوله فيها، يتكّون الانتساب من شقّين:
إرادة الطالب المعلنة والاعتراف بها من
قبل الجمعية، يتنوع التزام المعاونين بتنوع ظروف حيتهم، ولكن يجب ألاّ يحول واقع
حياتهم دون القيام بكل ما يمكنهم أن يقوموا به من أعمال الخير. فإذا كانت دعوة
المعاون بلا حدود (نوعا ما)، فإنها لا تكون بدون مضمون ملموس.
يتم الانتساب في أثناء رتبة دينية هي
احتفال بالتزام المعاون حيث يقوم هو بوعده ويعطى مع الخبز والخمر ومشاركة مع ذبيحة
يسوع، حتى يصير ينبوع نمط حياة جديد له وينبوع خير للكنيسة. تتطلب جدية الالتزام
أن تسبقه رياضة روحية وأن تتكثف الابتهالات إلى الروح القدس عند اقتراب هذا الموعد
الهام: "تعال، أيها الروح القدس".
4- الأمانة الدينامية:
يشكل الوعد بداية الحياة السالزيانية
للمعاون، الحياة تاريخ، دينامية وردّ فعل حيّ للمستجدّات اليومية، خاصة إذا كانت
غير متوقعة... فمثابرة المعاون وأمانته تتوقفان على مسؤوليته الخاصة، على عزمه
وسخائه وعلى... إبداعه الروحي والرسولي أيضاً. لا يكفي أن يبقى المعاون
معاوناً...ولكن عليه أن يشقّ طريقه السالزيانية وأن يخترعها يوم بعد يوم بتشجيع
ودعم أخوته المعاونين وأخواته المعاونات وسائر أعضاء العائلة السالسية (إن شاء
الله) وعلى صعيد أعمق، بالهامات وهزّات الروح القدس.
الالتزام والمُضّي نحو مستقبل مجهول
يعنيان الترقب المستمر واستخدام وسائل عملية لتبقى شعلة الدعوة مشتعلة وجوهر
الدعوة محبة يسوع والأخوة بنهج سالزياني.
لا تظن أبدا أن قوة الأمانة وديناميتها
يسقطان كل يوم من السماء كما سقط المّن في الصحراء... بل خَطِّطْ لك برنامج حياة
وعمل شخصي (في قلبك وعلى ورقة) حيث تحدد:
- تواتر صلواتك وقبول الأسرار.
- أوقات المطالعة والدرس للتنشئة وأوقات
لتقييم حياتك.
- المشاركة الفعالة في اللقاءات وأيام
الرياضة الروحية وكذلك في المبادرات الرسولية للجمعية وللكنيسة المحلية.
- وقبل كل شيء، رسِّخ إرادتك بأن تكون
منفتحا على جميع مطالب الرب، متذكراً أنه لا يترك تلاميذه مرتاحين أبداً:
"أهكذا لم تقووا على السهر معي ساعة واحدة؟..." (متى 26: 40)
(عن كتاب "معاونو الله"
بالإيطالية، روما 1988-1989، ص 194-198، بتصرف)
الأب فيكتور بوتسو.
0 التعليقات:
إرسال تعليق